An official website of the United States Government Here's how you know

Official websites use .gov

A .gov website belongs to an official government organization in the United States.

Secure .gov websites use HTTPS

A lock ( ) or https:// means you’ve safely connected to the .gov website. Share sensitive information only on official, secure websites.

في 17 آذار/مارس 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمفوضة الروسية لحقوق الأطفال، ماريا لفوفا بيلوفا، بناءً على جرائم الحرب التي يُزعم أنهما ارتكباها والمتمثلة في النقل غير القانوني والترحيل غير القانوني لأطفال أوكرانيا.

كان رد فعل آلة الدعاية الروسية سريعًا على قرار المحكمة الجنائية الدولية متمثلا في التهديد بشن ضربات نووية، والادعاءات الكاذبة حول “التجارب الغربية على الأطفال” و”الهستيريا” المناهضة لروسيا، والدعوات إلى اعتقال قضاة المحكمة الجنائية الدولية، والادعاءات بأن أطفال أوكرانيا قد أُخذوا بعيدًا حفاظا على سلامتهم“. وهدّد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف لاهاي بصاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، وشبّه مذكرتي الاعتقال بورق المراحيض. وزعم مسؤولا الدعاية في الكرملين، فلاديمير سولوفيوف ومارغريتا سيمونيان، أن الضربات النووية تنتظر أي دولة لديها الجرأة الكافية لاعتقال بوتين. وفي الوقت نفسه، اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “الغرب المستنير” بـ “تجريم إنقاذ الأطفال” في حين أن الدول الغربية نفسها “تجري تجارب على الأطفال بتغيير جنسهم”. وبشكل منفصل، زعم رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين أن “الغرب في حالة هستيرية” وأن أي “مطاعن” ضد بوتين سيُنظر إليها على أنها عدوان على روسيا، مضيفًا: “أيها الأميركيون، ارفعوا أيديكم عن بوتين!” وبالمثل، وصفت سفارة روسيا في واشنطن “التصديق الأميركي” على مذكرتي الاعتقال بأنه “تذكير بحالة فصام متثاقل” وأشارت إلى “الفظائع الأميركية” في أماكن أخرى. واقترح العديد من أعضاء مجلس الاتحاد الروسي إصدار مذكرات اعتقال بحق قضاة المحكمة الجنائية الدولية و”تصفية” المحكمة الجنائية الدولية. هذا التقرير يتناول سياق اتهامات المحكمة الجنائية الدولية وجهود روسيا للتلاعب بالمعلومات وصرف اللوم عن جرائم الحرب المزعومة.

منذ 24 شباط/فبراير 2022، عندما شنّ الكرملين غزوه الشامل لأوكرانيا، في محاولة للإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في كييف، ارتكب أفراد القوات الروسية العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الموثقة دوليًا في أوكرانيا، بما فيها جرائم ضد العديد من الأطفال الأوكرانيين. وفي 5 حزيران/يونيو 2023، أضاف الأمين العام للأمم المتحدة القوات المسلحة الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها إلى قائمة الأطراف التي ارتكبت “انتهاكات جسيمة تؤثر على الأطفال في حالات النزاع المسلح” بسبب ما ورد عن قتل وتشويه المئات من أطفال أوكرانيا، حيث تم استخدامهم كدروع بشرية، وتمت مهاجمة المدارس والمستشفيات.

ويبدو أن الكرملين عازم على محو وجود أوكرانيا كدولة من خلال محاولة سلب مستقبلها. إذ إن الأدلة المتزايدة تُظهر أن روسيا تستخدم النقل القسري، وإعادة التثقيف، وفي بعض الحالات، تبنّي أطفال أوكرانيا كعناصر رئيسية في جهودها المنهجية لقمع هوية أوكرانيا وتاريخها وثقافتها. وتقدّر الحكومة الأوكرانية أن السلطات الروسية قامت “بترحيل و/أو تهجير قسري” لـ 19553 طفلا من منازلهم، بما في ذلك الانتقال إلى ما يسمى “المعسكرات الصيفية” في المناطق التي تحتلها روسيا وأحيانا إلى روسيا نفسها، وحتى إلى مناطق معزولة في أقصى شرق روسيا. وحتى 1 آب/أغسطس 2023، نجحت أوكرانيا في إعادة 395 طفلا.

وقد صرحت ماريا لفوفا بيلوفا، مفوضة حقوق الأطفال في مكتب رئيس الاتحاد الروسي، علنًا أن أكثر من 700 ألف طفل من أوكرانيا موجودون الآن في روسيا، زاعمة أن غالبيتهم كانوا برفقة أولياء أمور، وتصور ذلك على أنه “جهد إنساني”. وأفاد مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل (Yale HRL)، وهو شريك في مرصد النزاعات الذي تدعمه وزارة الخارجية الأميركية، أن روسيا “نقلت بشكل منهجي ما لا يقل عن 6 آلاف طفل من أوكرانيا إلى شبكة من مرافق إعادة التثقيف والتبني في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا والبر الرئيسي لروسيا” منذ بدء الغزو واسع النطاق. وتشير النتائج التي توصل إليها مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل “إلى أن غالبية المعسكرات انخرطت في جهود إعادة التثقيف الموالية لروسيا، وقد قدمت بعض المعسكرات تدريبًا عسكريًا للأطفال”. ويعد النقل والترحيل غير القانونيين للأشخاص المحميين انتهاكًا خطيرًا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين ويشكل جريمة حرب معترف بها دوليًا.

وللتهرب من المسؤولية، تنشر روسيا معلومات مضللة ودعاية موجّهة في محاولة لتحريف انتهاكاتها باعتبارها لفتات “إنسانية”. وتمارس روسيا أيضًا التضليل الإعلامي والأنشطة المليئة بالدعاية الموجّهة التي تهدف إلى غسل أدمغة الأطفال في الأجزاء التي تحتلها روسيا من أوكرانيا أو الأطفال من أوكرانيا الذين تقوم بترحيلهم إلى روسيا موحيةً بأن الكرملين ينقذهم من “النظام النازي في كييف”. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “الغرض من هذه السياسة الإجرامية ليس مجرد سرقة الأشخاص، بل جعل المُرحَّلين ينسون أوكرانيا ولا يتمكنون من العودة”.

إن المساءلة أمر حتمي. ولهذا السبب تدعم الولايات المتحدة بشكل كامل الجهود التي تبذلها السلطات الأوكرانية والدولية لجمع وتوثيق والحفاظ على جميع الأدلة على الفظائع، وبالتالي فإن المعلومات المضللة والدعاية الموجّهة الروسية ليست السجلات الوحيدة لما حدث لأطفال أوكرانيا.

“قالوا إن أمي لا تحتاجني”: آليات النقل غير القانوني والترحيل والتبني الروسي لأطفال أوكرانيا

وفقا لمختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل، بدأت روسيا في نقل الأطفال من أجزاء في أوكرانيا كانت تسيطر عليها أو احتلتها إلى روسيا قبل وقت قصير من بدء غزو الكرملين واسع النطاق لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وقد استخدمت روسيا مجموعة متنوعة من الأساليب لنقل الأطفال من أوكرانيا. ثلاثة من هذه الأساليب تشمل ما يلي: 1) قامت السلطات الروسية والسلطات التي نصبتها روسيا في المناطق المحتلة من أوكرانيا بترحيل الأطفال بشكل غير قانوني خلال ما يسمى بعمليات “الفرز”؛ 2) قامت السلطات الروسية والسلطات التي نصبتها روسيا في المناطق المحتلة من أوكرانيا بأخذهم من مؤسسات الدولة الأوكرانية؛ 3) قامت السلطات الروسية والسلطات التي نصبتها روسيا في المناطق المحتلة من أوكرانيا بإحضارهم إلى معسكرات ترفيهية مفترضة في شبه جزيرة القرم وروسيا.

الفرز

وفقا لتقارير من منظمة العفو الدولية، وصحيفة أوكرينسكا برافدا، تم فصل بعض الأطفال عن والديهم خلال عمليات “الفرز” التي تقوم بها روسيا. وكجزء من عملية “الفرز”، تحتجز روسيا مدنيين أوكرانيين لتقييمهم من حيث التهديد المتصور منهم للاحتلال الروسي. ويواجه هؤلاء الأفراد واحدًا من ثلاثة مصائر بعد خضوعهم للفرز، والتي تشمل إصدار الوثائق والبقاء في أوكرانيا التي تحتلها روسيا، أو الترحيل القسري إلى روسيا، أو الاحتجاز في سجون في شرق أوكرانيا أو روسيا. وخلال عملية “الفرز”، قد يتم فصل الأطفال عن والديهم واستجوابهم بشكل منفصل. وفي بعض الأحيان يتعرض الأطفال للاستجواب والتفتيش دون موافقة أو حضور والديهم أو أولياء أمورهم.

ذكر ساشكو، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عامًا من ماريوبول، أن الجنود الروس نقلوه هو ووالدته إلى منشأة “فرز” في بيزيمين، وهي قرية تقع في الجزء الذي تحتله روسيا من منطقة دونيتسك في أوكرانيا. وتم أخذ والدته للاستجواب ولم يرها منذ ذلك الحين. وقال ساشكو: “إنهم [الجنود الروس] لم يسمحوا لي بتوديع والدتي … قالوا إن والدتي لا تحتاجني، وسيتم إرسالي إلى دار للأطفال ثم إلى أسرة حاضنة”. وأمضى ساشكو شهرين في “مركز لعلاج الصدمات النفسية” في دونيتسك التي تحتلها روسيا قبل أن يتمكن من الاتصال بجدته ليودميلا، التي سافرت بعد ذلك إلى دونيتسك لإحضار ساشكو إلى منزله. وبحسب ما ورد انتهى الأمر بأطفال آخرين من ماريوبول، فُصلوا عن والديهم خلال عمليات “الفرز”، في موسكو وكانوا يخضعون لاستعدادات لتبنيهم من قبل أسر في روسيا.

النقل/الترحيل من المؤسسات

تقوم روسيا أيضًا بترحيل الأطفال الذين يعيشون في مرافق الرعاية في أوكرانيا. زعمت لفوفا بيلوفا أن هؤلاء الأطفال ليس لديهم آباء أو أولياء أمور أو أوصياء، لكن وكالة أسوشيتد برس وجدت أن روسيا “قامت بترحيل أطفال أوكرانيين إلى روسيا أو إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا دون موافقتهم، وكذبت عليهم قائلة إن والديهم لا يريدونهم، واستخدمتهم للدعاية الموجّهة، وأعطتهم عائلات وجنسية روسية”. وقال تيموفي شميل، 17 عامًا، إن السلطات في دونيتسك حاولت إغراءه للذهاب إلى موسكو، ووعدته “بالأدوات والأجهزة والملابس” وحياة “هادئة”. وقالوا له “إذا تركك والديك، فهما لا يحتاجان إليك. سوف نساعدك”. لكن تيموفي رفض.

ليس كل الأطفال المقيمين في مؤسسات الدولة في أوكرانيا هم “أيتام”. قد يكون من بينهم أطفال من عائلات تواجه ظروفًا صعبة أو أطفال قُتل والديهم بسبب القصف الروسي، لكن ربما لا يزال لديهم أقارب آخرين أو أوصياء قانونيين. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن “الأطفال في المنازل الحكومية [في أوكرانيا] غالبًا ما يُوصفون بأنهم أيتام، ولكن معظمهم لديهم عائلات. إذ يمكن للآباء والأمهات الذين يعانون من المرض أو تعاطي المخدرات أو الصعوبات المالية، بمن فيهم أولئك الذين يرعون أطفالا يعانون من حالات طبية معقدة أو أطفالا ذوي إعاقة، وضع أطفالهم – بشكل مؤقت أو دائم – في المؤسسات التي تديرها الدولة في أوكرانيا. وتقوم روسيا بعد ذلك “بإجلاء” مَن يُزعم أنهم أيتام بحجة “مخاوف تتعلق بالسلامة” أو “الرعاية الطبية”، وإرسالهم إلى المستشفيات أو “مراكز الأسرة” في المناطق التي تحتلها روسيا، ثم ترحيلهم من أجل “رعايتهم أو تبنيهم” في روسيا حيث يتم إجبار بعضهم على الحصول على الجنسية الروسية. وذكرت أولغا دروجينينا، من مدينة سالخارد السيبيرية، للصحفيين أنها تبنت أربعة أطفال من مدينة دونيتسك الأوكرانية التي تحتلها روسيا. وقالت دروجينينا: “عائلتنا مثال مُصغّر لروسيا … فقد استولت روسيا على أربع مناطق، وأخذت عائلة دروجينينا أربعة أطفال”. ووفقا لمختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل، ففي صيف عام 2022 قالت لفوفا بيلوفا إنه تم تبني 350 “يتيمًا” من أوكرانيا وأن “أكثر من ألف” في انتظار التبني. وخلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن أوكرانيا إلى أنه “لا يبدو، في أي حالة من الحالات التي فحصتها اللجنة، أن عمليات نقل الأطفال تستوفي المتطلبات المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي. عمليات النقل لم تكن مبررة لأسباب أمنية أو طبية”.

النقل إلى “المعسكرات الصيفية”

كما تقوم “السلطات” التي أنشأتها روسيا وجنود الاتحاد الروسي في الأراضي المحتلة في أوكرانيا بتجنيد أطفال من أوكرانيا للسفر إلى ما يسمى “المعسكرات الترفيهية” في شبه جزيرة القرم المحتلة أو داخل روسيا. وقد حدد مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل أكثر من 6 آلاف طفل من أوكرانيا تم احتجازهم في 43 منشأة من هذا القبيل على الأقل. ويقع أحد عشر معسكرًا حددها مختبر البحوث الإنسانية على بُعد أكثر من 500 ميل من حدود أوكرانيا مع روسيا، بما في ذلك اثنان في سيبيريا وواحد في أقصى شرق روسيا. ووفقا لمختبر البحوث الإنسانية، فإن موافقة الآباء والأمهات على حضور أطفالهم للمعسكرات “يتم جمعها بالإكراه ويتم انتهاكها بشكل روتيني”. وذكرت وكالة أسوشييتد برس أن المسؤولين الروس حاولوا خداع الأطفال القادمين من أوكرانيا ليعتقدوا أن “والديهم لا يريدونهم”. ووفقا لمختبر البحوث الإنسانية، فقد أبلغ الآباء عن تعرضهم للكذب بشأن “مدة الإقامة وإجراءات لمّ الشمل مع أطفالهم”. وفي بعض الحالات، قام منظمو المعسكرات بإرسال الأطفال إلى المعسكرات رغم رفض والديهم. وقامت حوالي 10 بالمئة من المعسكرات بتعليق عودة الأطفال المخطط لها إلى أوكرانيا، ولم تزود الآباء بمعلومات حول حالة أطفالهم وموقعهم، بحسب التقرير نفسه. ومنذ ذلك الحين، تم وضع أطفال من اثنين من المعسكرات لدى أسر حاضنة في روسيا. ويتم “التنسيق مركزيًا” لهذا النقل والترحيل للأطفال الأوكرانيين من قبل المسؤولين الحكوميين الاتحاديين والإقليميين والمحليين في روسيا، بما في ذلك نشر برنامج “المعسكرات الترفيهية” في روسيا والمناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا.

وكما ورد في تقرير الاتّجار بالأشخاص 2023، تشعر وزارة الخارجية بقلق بالغ إزاء قيام روسيا بنقل أطفال أوكرانيا قسرًا إلى الاتحاد الروسي. هؤلاء الأطفال معرضون بشدة للاتّجار بالبشر؛ وإذا تم استغلالهم لاستخدامهم في العمل القسري أو الجنس التجاري، فإن ذلك يشكل اتّجارًا بالبشر. ونظرًا لأن المعلومات المتعلقة بسلامة ومكان وجود هؤلاء الأطفال وأسرهم محدودة، بما في ذلك المعلومات المتاحة للمنظمات الإنسانية، فلا توجد حاليًا بيانات كافية لمعرفة ما إذا كان هؤلاء الأطفال يتم استغلالهم بطرق بطرق تبلغ مستوى الاتجار بالبشر.

استخدام أطفال أوكرانيا كأداة للدعاية الموجّهة، وتحريف مفهوم الأعمال الإنسانية

تحاول منظومة التضليل الإعلامي والدعاية الموجّهة الروسية تصوير عمليات الكرملين القسرية لنقل وإعادة تثقيف وتبني الأطفال من أوكرانيا، بشكل خاطئ، على أنها أعمال إنسانية تنقذهم من الحرب (التي بدأتها روسيا). وكثيرًا ما تعرض وسائل الإعلام الحكومية الروسية الأطفال الذين وصلوا حديثا من أوكرانيا أمام كاميرات التلفزيون، وتُظهر المسؤولين الروس وهم يقبلونهم ويعانقونهم، ويقدمون لهم الألعاب وسلال الهدايا، ويسلمونهم جوازات سفر روسية، ويصورونهم على أنهم “أطفال مُهمَلون تم إنقاذهم من الحرب“. وتقوم الكيانات المرتبطة بالدولة بنشر مقاطع فيديو دعائية “توضح التدفق المستمر للأطفال من أوكرانيا إلى روسيا” على تيليغرام ويوتيوب.

كما تنشر روسيا ادعاءات كاذبة تهدف إلى تشويه صورة أوكرانيا والغرب في محاولة لخلق المزيد من الذرائع لنقل وترحيل أطفال أوكرانيا. على سبيل المثال، ينشر ما يسمى بالفيلمين الوثائقيين معلومات مضللة تتهم أوكرانيا والغرب والمنظمات الإنسانية الغربية بالاتجار غير المشروع بالأعضاء باستخدام أطفال أوكرانيا. ويزعم فيلم نشرته قناة آر تي بعنوان ’خزانات للكلى‘ [Tanks for Kidneys] بشكل سخيف أن الحكومة الأوكرانية ضالعة في شبكة دولية غير قانونية للاتجار بأعضاء الأطفال. وعلاوة على ذلك، يزعم الفيلم أن منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومنظمة أطباء بلا حدود دعمتا عملية سابقة مماثلة في صربيا. أما الفيلم الثاني، بعنوان ’دع أمي تسمع هذا‘ (باللغة الروسية: [Пусть мама услышит])، والذي نشرته قناة التواصل الاجتماعي الموالية للكرملين ’روسيا هي أنا‘ [Russia is me]، فتظهر فيه مصادر مجهولة و”خبراء” يزعمون أن منظمة “الملائكة البيض” وهي منظمة تعمل ظاهريًا تحت رعاية الشرطة الأوكرانية، تقوم بقتل الأطفال في “مختبرات سرية” وتبيع أعضاءهم لعملاء في أوروبا والولايات المتحدة. وبالإضافة إلى نشر هذه المعلومات المضللة الشنيعة، يستغل الفيلم الأطفال الضعفاء. وبعد سلسلة من الأسئلة المتلاعبة من المحاور، تُساق إحدى الفتيات للادعاء أنها تريد البقاء في روسيا، حتى لو قررت والدتها إعادتها إلى أوكرانيا.

أكاذيب وتلاعب

رغم الاعتراف بنقل أطفال أوكرانيا داخل الأجزاء المحتلة من أوكرانيا و/أو ترحيلهم إلى روسيا، على التوالي، فقد نشر المسؤولون الروس أيضاً ادعاءات كاذبة في محاولة للتعتيم على أنشطة الكرملين الخبيثة. فعلى سبيل المثال، قالت لفوفا بيلوفا إن روسيا تتصرف وفقا لأسباب إنسانية وتعتمد فقط على موافقة والدي الأطفال أو الأوصياء القانونيين الآخرين. في أيار/مايو 2022، وقع بوتين مرسومًا يسهل عملية الحصول على جنسية الاتحاد الروسي للأيتام والأطفال الأوكرانيين الذين ليسوا في حضانة والديهم. وفي كانون الثاني/يناير 2023، وجّه بوتين لفوفا بيلوفا إلى “اتخاذ إجراءات إضافية لتحديد هوية القاصرين” الذين يعيشون في الأراضي المحتلة في أوكرانيا. وفي اجتماع في شباط/فبراير 2023 مع لفوفا بيلوفا، تفاخر بـ “عدد متزايد من الاستفسارات من مواطنينا فيما يتعلق بتبني الأطفال [الأوكرانيين]”. ومع ذلك، نفت لفوفا بيلوفا مرارًا وتكرارًا حدوث عمليات تبني، وادّعت في آذار/مارس 2023 أن 380 يتيمًا “تم وضعهم مؤقتًا مع عائلات في روسيا حتى يتمكن والديهم من المطالبة بهم”. واستنادًا إلى تقرير صادر عن حكومة روستوف الإقليمية، حدد منفذ التحقيقات المستقلة ’فاجنيي إستوري‘ (قصص مهمة) أن عدد أطفال أوكرانيا الذين ترعاهم عائلات في روسيا يبلغ 1184 طفلًا، وهو رقم أعلى بثلاث مرات من الرقم الذي ذكرته لفوفا بيلوفا.

التضليل الإعلامي والدعاية الموجّهة لاستغلال وتلقين أطفال أوكرانيا

كما نشر المسؤولون الروس ادعاءات كاذبة تنكر الجهود المنهجية التي تبذلها الحكومة الروسية “لإعادة تثقيف” أطفال أوكرانيا ليصبحوا موالين لروسيا. ووصفت لفوفا بيلوفا الأدلة حول “إعادة التثقيف” بأنها “نظرية مؤامرة” و”أخبار مزيفة“. ومع ذلك، يشير مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل إلى أن “إعادة التثقيف السياسي” يُنظر إليه على أنه الهدف الأساسي لهذه المعسكرات. وتشمل عملية “إعادة التثقيف” التعليم الأكاديمي والثقافي و”الوطني” الموالي لروسيا، بما في ذلك زيارات إلى المتاحف الحربية والمواقع الثقافية الروسية. وفي بعض الحالات، يتلقى الأطفال أيضًا تدريبًا عسكريًا على يد قدامى المحاربين الروس، بما في ذلك دروس في تشغيل المركبات العسكرية واستخدام الأسلحة النارية. وتعلن روسيا عن المعسكرات باعتبارها “برامج اندماج”، بهدف واضح هو “دمج الأطفال من أوكرانيا في رؤية الحكومة الروسية للثقافة الوطنية والتاريخ والمجتمع”.

وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وصفت لفوفا بيلوفا بنفسها كيف تقوم روسيا باستغلال الأطفال الضعفاء من أوكرانيا لتطوير “أيديولوجية ونظرة عالمية” مؤيدة لروسيا. وروت لفوفا بيلوفا القصة المزعومة عن ثلاثين طفلا جلبتهم الحكومة الروسية إلى منطقة موسكو من ماريوبول، وهي مدينة أوكرانية دمرتها القوات المسلحة الروسية. وقالت لفوفا بيلوفا إن الأطفال عبّروا في البداية عن آراء مناهضة لبوتين وغنوا النشيد الوطني الأوكراني، ووصفوا تعبيراتهم بأنها “سيئة”. ولكن بعد “العيش مع عائلات روسية”، تغيرت مواقفهم – وتحولت وجهات نظرهم “السلبية” إلى “حب لروسيا”، حسبما زعمت لفوفا بيلوفا. وفي أيار/مايو 2023، صرحت لفوفا بيلوفا بأنه “سيتعين علينا إعداد برامج تعليمية وإعلامية مختلفة. سيتعين علينا إعادة تثقيف أطفال [أوكرانيا]”.

وهناك العديد من الأمثلة الأخرى على ما وصفته مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان بالجهود التي تبذلها روسيا لتلقين الأطفال من أوكرانيا “نظرة عالمية مؤيدة لروسيا وسرد تاريخي يحطّ من شأن الهوية الأوكرانية”. وقد وثّق المنفذ الإعلامي المستقل ’فاجنيي إستوري‘ برامج التعليم “الوطنية” الروسية في دار للأيتام في نيجني نوفغورود، حيث شارك أطفال من أوكرانيا في حدث لإحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفييتي على ألمانيا النازية. وأعلنت صفحات دار الأيتام على مواقع التواصل الاجتماعي أن الحدث يهدف إلى غرس “بذرة فخر” في الأطفال تجاه روسيا “العظيمة”. كما استضافت دار الأيتام جنودًا من الاتحاد الروسي رووا للأطفال “قصصًا بطولية” من “العملية العسكرية الخاصة”، زاعمين أن روسيا كانت “تزيل” الفاشيين والنازيين و”الأعداء” من أوكرانيا. وبينما ينشر الكرملين معلومات مضللة حول “محو النازية” من أوكرانيا، فإنه قام بتوظيف مسؤولين يتبنون دعم إيديولوجيات النازيين الجدد للعمل على النقل غير القانوني للأطفال من أوكرانيا. ووفقا لوكالة رويترز، كان أليكسي بيتروف، أحد كبار مساعدي لفوفا بيلوفا، “مرتبطًا عبر الإنترنت عندما كان مراهقًا بحركات العنصريين البيض والنازيين الجدد”.

وادعى صحفيون من المنفذ الإعلامي الروسي المستقل ’فيرستكا‘ أنه تم نقل 14 يتيمًا أوكرانيًا من خيرسون إلى “دار للأيتام ذات أوضاع قاسية” في شبه جزيرة القرم. وتتمثل مهمتها في “تعزيز الوطنية والشعور المدني” لدى الأطفال الذين يعيشون هناك لضمان “تعريفهم كمواطنين في روسيا متعددة الجنسيات”. وقالت ميروسلافا خارتشينكو، وهي محامية لمشروع أنقذوا أوكرانيا [Save Ukraine]، الذي يساعد على إعادة الأطفال المُرحّلين إلى أوكرانيا، لصحيفة أوكرينسكا برافدا: “إنهم [روسيا] يقولون إن أوكرانيا تخلت [عن الأطفال]. إنهم يعلمونهم أن يكرهوا والديهم، ثم [يكرهوا] بلدنا، ثم يحبوا روسيا”. وقالت إيكاترينا، البالغة من العمر 13 عامًا من خيرسون، وأطفال آخرون أمضوا بعض الوقت في معسكر في يفباتوريا في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، إن إدارة المعسكر منعت الأطفال من التحدث عن أوكرانيا، وأجبرتهم على الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني الروسي في كل صباح، وهددت بمواصلة قصف كييف بينما وعدت بتحويل خيرسون إلى “مدينة روسية مرة أخرى”. وقال فيتالي البالغ من العمر 16 عامًا من بيريسلاف، والذي تم وضعه في معسكر في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا: “عندما أحضرونا إلى هناك، قالوا ’أوكرانيا مكونة من إرهابيين يقتلون الناس‘. وقد ضربونا بالعصي لأننا قلنا ’المجد لأوكرانيا!‘. لقد شتمونا وأطلقوا علينا اسم “خوخولز” [وهي كلمة روسية مهينة للأوكرانيين]. وعندما علقت إحدى الفتيات العلم الأوكراني في غرفتها، أحرقوه”. وأجبرت سلطات الاحتلال الروسي في منطقة زابوريجيا الأطفال على كتابة رسائل دعم للجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا، وفقا لمركز المقاومة الوطنية الأوكراني. وأفادت مصادر أخرى، بما في ذلك الأطفال الأوكرانيون العائدون أنفسهم، عن أساليب تلقين مماثلة. وقالت لفوفا بيلوفا: “ألا نشعر بالوطنية عندما لا يكون هناك أطفال أجانب، وهم جميعًا أطفالنا؟”

الولايات المتحدة ستواصل السعي للمحاسبة عن انتهاكات روسيا مهما استغرق الأمر من وقت

قامت الحكومة الروسية بشكل غير قانوني بنقل مئات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين داخل الأجزاء المحتلة من أوكرانيا أو بترحيلهم إلى روسيا، ومن بينهم أطفال، كجزء من عمليات الفرز الروسية ومن خلال أساليب أخرى. وهذا انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب معترف بها دوليا. ويزعم مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن ترحيل روسيا لأطفال أوكرانيا، والذين تم عرض بعضهم للتبني في روسيا، يُظهر “نية إبعاد هؤلاء الأطفال بشكل دائم عن بلادهم”. ويشير المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين إلى أن “اختطاف الأطفال وترحيلهم يعتبر أحد الانتهاكات الجسيمة الستة ضد الأطفال أثناء النزاع المسلح وهو محظور بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي. وهو أحد الأفعال الخمسة المحظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” لعام 1949. ويتفق خبراء آخرون على أن “النقل الجماعي للأطفال يعد جريمة حرب، بغض النظر عما إذا كانوا أيتامًا”. لقد كان ترحيل المدنيين الأوكرانيين، بمن فيهم الأطفال الذين تم فصلهم قسرًا عن عائلاتهم، أحد الأسس التي استند إليها قرار وزير الخارجية الأميركي في شباط/فبراير 2023 بأن أفراد القوات الروسية ومسؤولين روس آخرين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا. وبالتعاون مع شركائنا في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، تدعم الولايات المتحدة التحقيق والمحاكمات التي تجريها أوكرانيا بشأن جرائم روسيا ضد الأطفال من خلال المجموعة الاستشارية للجرائم الفظيعة (ACA).

إن التأثيرات المدمرة لحرب بوتين على أطفال أوكرانيا سوف تظل محسوسة وملموسة على مدى أجيال عديدة. الولايات المتحدة تقف إلى جانب أوكرانيا وستسعى بيقظة للمساءلة والمحاسبة عن انتهاكات روسيا المروعة، مهما استغرق الأمر من وقت.

U.S. Department of State

The Lessons of 1989: Freedom and Our Future