السفيرة ليندا توماس غرينفيلد
ممثّلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة
نيويورك، نيويورك
21 شباط/فبراير 2022
الكلمة كما أُلقِيت
شكرا سيدي الرئيس.
منذ الحرب العالمية الثانية، وقف ميثاق الأمم المتحدة – الذي يضمّ المبادئ الأساسية التي من واجب هذا المجلس التمسك بها – بمثابة حصن في وجه الرغبات الأشدّ سوءا للإمبراطوريات والحكّام المستبدين. وها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن، في وقت سابق من هذا اليوم، أن روسيا سوف تعترف بما يسمى جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية باعتبارهما “دولتين مستقلّتين”، رغم أنهما منطقتان من أوكرانيا التي تتمتع بالسيادة، ولكنهما وقعتا تحت تحكّم وكلاء روسيا منذ عام 2014. وأعلن مذّاك أنه سوف يضع قوات روسية في هذه المناطق، أطلق عليهم اسم جنود حفظ السلام. هذا غير منطقي، لأننا نعرف ما هي مهمّتهم حقا. وبذلك، يكون الرئيس بوتين قد وضع العالم أمام خيار واضح. يجب أن نكون على قدر المسؤولية، ولا يمكن أن نغمض أعيننا.
يخبرنا التاريخ أن النظر في الاتجاه الآخر في مواجهة مثل هذا العداء سيكون مسارا أكثر تكلفة بكثير. إن هجوم روسيا الواضح على سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية هو هجوم غير مبرّر. إنه هجوم على مكانة أوكرانيا كدولة عضو في الأمم المتحدة، وهو ينتهك مبدأ أساسيا من مبادئ القانون الدولي، ويتحدّى ميثاقنا. وفوق ذلك، فإن من الواضح أن هذه الخطوة التي اتخذها الرئيس بوتين ما هي سوى الأساس لمحاولة روسيا إيجاد ذريعة لمزيد من الغزو لأوكرانيا، ولسوف تنعكس عواقب هذا الإجراء إلى ما هو أبعد من حدود أوكرانيا.
ليس من الضروري التكهّن بدوافع الرئيس بوتين، فقد أطلق اليوم سلسلة من المزاعم الكاذبة الشائنة حول أوكرانيا بهدف خلق ذريعة للحرب، وبعد ذلك مباشرة، أعلن دخول القوات الروسية إلى دونباس. وادعى أن أوكرانيا تسعى للحصول على أسلحة نووية من الغرب، وهو كلام غير صحيح، فأوكرانيا هي في الواقع واحدة من أربع دول فقط تخلت طواعية عن أسلحتها النووية. وليس لدى الولايات المتحدة وحلفائنا أيّ نية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة النووية، وأوكرانيا لا تريدها.
وبعد ذلك، أكّد الرئيس بوتين أن لروسيا اليوم مطالبة مشروعة بجميع الأراضي – جميع الأراضي – من الإمبراطورية الروسية؛ الإمبراطورية الروسية عينها التي سبقت الاتحاد السوفيتي، أي قبل أكثر من 100 عام، وهذا يشمل كلّ من أوكرانيا، كما تشمل فنلندا وبيلاروسيا وجورجيا ومولدوفا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا. بل وتضم أجزاء من بولندا وتركيا. في الأساس، يريد بوتين أن يعيد العالم بالزمن إلى الوراء، إلى وقت ما قبل الأمم المتحدة، إلى وقت كانت فيه الإمبراطوريات هي من يحكم العالم. غير أن بقية العالم قام بالمضي قدماً. نحن لسنا في العام 1919. إننا في العام 2022. لقد تأسّست الأمم المتحدة على مبدأ إنهاء الاستعمار وليس إعادة الاستعمار. ونعتقد أن الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ملتزمون بالمضي قدماً – وليس التراجع إلى الوراء.
ستكون عواقب تصرفات روسيا وخيمة – في جميع أنحاء أوكرانيا، وعبر أوروبا، وفي جميع أنحاء العالم. في اجتماعينا السابقين بشأن أوكرانيا، ذكرتُ لكم أن ما يقرب من 3 ملايين أوكراني يحتاجون إلى الغذاء والمأوى والمساعدة المنقذة للحياة في الوقت الحالي. وتقدّر الأمم المتحدة أن الخسائر الإنسانية ستتوسّع بشكل كبير في حالة استمرار الغزو الروسي. وبالفعل، زاد وكلاء روسيا بشكل كبير من القصف ونيران المدفعية خلال عطلة نهاية الأسبوع، مما أسفر عن مقتل مدنيين وجنود أوكرانيين. فإذا اجتاحت روسيا أوكرانيا أكثر، فسنشهد خسارة مدمرة في الأرواح. ستكون مأساة لا يمكن تصوّرها. وسيخلق الملايين من النازحين أزمة لاجئين في جميع أنحاء أوروبا. ولكن روسيا ترفض مع ذلك المناشدات المتكرّرة لإعلان نواياها أمام العالم، بما في ذلك مناشدة الوزير بلينكن في مجلس الأمن الخميس الماضي.
أيها الزملاء، إن الرئيس بوتين يختبر نظامنا الدولي، إنه يختبر عزمنا ويرى إلى أي مدى يمكنه دفعنا جميعا. إنه يريد أن يثبت أنه يستطيع أن يصنع بالقوة مهزلة للأمم المتحدة. ولذلك فإن علينا العمل معا لمواجهة هذه الأزمة. خلال الأسابيع القليلة الماضية، سمع العالم الأعضاء الـ 14 الآخرين في مجلس الأمن يتحدثّون بصوت واحد يطالبون روسيا بمتابعة الدبلوماسية. لقد أوضح الأعضاء الآخرون في هذا المجلس – حتى أولئك الذين غالبا ما يؤيدون روسيا في مسائل أخرى – أنه يجب احترام سيادة أراضي كل دولة عضو في الأمم المتحدة واستقلالها وسلامتها – بما في ذلك أوكرانيا – وأن هذا هو المعيار الأساسي للعلاقات الدولية، وهو ما يجسّد الغرض من ميثاق الأمم المتحدة.
يبدو أن تسلسل الأحداث التي أوضحها الوزير بلينكن لهذا المجلس يوم الخميس الماضي يسير على النحو الذي توقعه بالضبط. اليوم، مزّق الرئيس بوتين اتفاقيات مينسك إربا. وقد أوضحنا أننا لا نعتقد أنه سيتوقّف عند هذا الحدّ. ولذلك، وعلى ضوء الإجراءات الأخيرة للرئيس بوتين، يجب علينا جميعًا أن ندافع عن المبادئ التي تأسّست عليها هذه المنظمة.
وقد أصدر الرئيس بايدن أمرا تنفيذيا اليوم يحظر الاستثمار والتجارة والتمويل الجديد فيما يسمّى مناطق جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية. وستتّخذ الولايات المتحدة غدا مزيدا من الإجراءات لمحاسبة روسيا على هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية. بيد أننا وشركاءنا أوضحنا من قبلُ أنه سيكون هناك ردّ سريع وخطير إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا أكثر.
في هذه اللحظة، لا يمكن لأحد أن يقف مكتوف الأيدي. يجب أن نوضح أن الهجوم على أوكرانيا هو اعتداء على سيادة كلّ دولة عضو في الأمم المتحدة وعلى ميثاق الأمم المتحدة – وأنه سيواجه عواقب سريعة وخطيرة. ما زلنا نعتقد أن طاولة الدبلوماسية هي المكان الوحيد الذي تحلّ فيه الدول المسؤولة خلافاتها. ذلك هو المكان الوحيد للحفاظ على السلام.
شكرا سيدي الرئيس.
للاطّلاع على مضمون البيان الأصلي يرجى مراجعة الرابط التالي: https://usun.usmission.gov/remarks-by-ambassador-linda-thomas-greenfield-at-a-un-security-council-emergency-meeting-on-ukraine/
هذه الترجمة هي خدمة مجانية مقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية، مع الأخذ بالاعتبار أن النص الإنجليزي الأصلي هو النص الرسمي