An official website of the United States Government Here's how you know

Official websites use .gov

A .gov website belongs to an official government organization in the United States.

Secure .gov websites use HTTPS

A lock ( ) or https:// means you’ve safely connected to the .gov website. Share sensitive information only on official, secure websites.

وزارة الخارجية الأميركية
مكتب المتحدث الرسمي
واشنطن العاصمة
20 كانون الثاني/يناير 2022

خطاب
الوزير أنتوني بلينكن حول الأزمة في أوكرانيا
أكاديمية برلين براندنبورغ للعلوم
برلين، ألمانيا
20 كانون الثاني/يناير 2022

الوزير بلينكن: أسعدتم مساءً.  أولا، اسمحوا لي أن أقول كم يشرفني حضور هذا العدد الكبير من الأصدقاء والزملاء والقادة عبر مختلف المجتمعات هنا في ألمانيا، وكذلك القادة في الشراكة التي تربط بين بلدينا. وأعرب عن امتناني لكم جميعًا على حضوركم هنا، وعن امتناني على إتاحة هذه الفرصة لأكون في أكاديمية العلوم والدراسات الإنسانية. سمعت قليلا من سيغمار عن تاريخ الأكاديمية، وتمشيت قليلا في الممرات، وأنا أقدر كثيرا كرم الضيافة.

ولكنها مؤسسة عريقة ذات تقاليد استثنائية من المنح الدراسية، إلى الاكتشافات التي يمتد تاريخها إلى أكثر من 300 عام. وأنا أفهم أنه، من بين مشاهير آخرين، ألبرت أينشتاين كان عضوا هنا، لذلك ربما ينبغي أن أعلمكم أن كلمتي اليوم لن تتضمن سوى القليل عن الفيزياء الفلكية، وهذا من شأنه أن يفيد الجميع.

أود أن أتوجه بالشكر لجميع المؤسسات التي تشارك في استضافتنا، بما في ذلك أتلانتيك- بروك (Atlantik-Brücke). بالمناسبة، تاريخي الخاص مع (بروك)، الجسر، يعود إلى أكثر من 20 عاما.  أتذكر جيدًا قضاء بعض الوقت مع زملاء زائرين من ألمانيا خلال إدارة كلينتون. ولكن من دواعي سروري أن أكون معكم، صندوق مارشال الألماني، معهد أسبن، المجلس الأميركي لألمانيا. ولا يسعني إلا أن أعترف بصديق عظيم، وزميل تعود الصداقة بيننا إلى أيام الجامعة، وإدارة كلينتون، وإدارة أوباما، ألا وهو دان بنجامين. إنه لمن الرائع رؤيتك أيضًا.

وعلى مر السنين، ساعدت هذه المنظمات في بناء وتعزيز وتعميق الروابط بين بلدينا. ومن علامات الديمقراطية القوية وجود مجتمع مدني قوي ومستقل، وأنا ممتن لشركائنا المضيفين على مساهماتهم في الديمقراطية على جانبي المحيط الأطلسي، ومرة أخرى، على جمعنا اليوم.

وكما قال سيغمار، وكما تعلمون جميعا، جئت إلى برلين في لحظة ملحة للغاية بالنسبة لأوروبا، والولايات المتحدة، ولربما، بالنسبة للعالم. إذ تواصل روسيا تصعيد تهديدها تجاه أوكرانيا. لقد رأينا ذلك مرة أخرى في الأيام القليلة الماضية فقط بخطاب عدائي متزايد، وحشد قواتها على حدود أوكرانيا، بما في ذلك الآن في بيلاروسيا.

فقد تراجعت روسيا مرارا وتكرارا عن الاتفاقات التي حافظت على السلام في جميع أنحاء القارة لعقود من الزمن. ولا تزال تستهدف منظمة حلف شمال الأطلسي، وهو تحالف دفاعي يحمي ما يقرب من بليون نسمة في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية، والمبادئ الحاكمة للسلم والأمن الدوليين التي لدينا جميعًا مصلحة في الدفاع عنها.

وهذه المبادئ، التي تأسست في أعقاب حربين عالميتين وحرب باردة، ترفض حق أي دولة في تغيير حدود دولة أخرى بالقوة، من أجل إملاء السياسة التي تنتهجها أو الخيارات التي تتخذها على دولة أخرى، بما في ذلك مع من ترتبط بعلاقات أو من أجل فرض دائرة نفوذ من شأنها إخضاع الجيران ذوي السيادة لإرادتها.

إن السماح لروسيا بانتهاك تلك المبادئ دون عقاب من شأنه أن يجرنا جميعًا إلى وقت أكثر خطورة وعدم استقرار، عندما تم تقسيم هذه القارة وهذه المدينة إلى قسمين، تفصل بينهما أراض غير خاضعة لسيطرة أي طرف، يحرسها جنود، مع وجود تهديد بحرب شاملة يطل شبحها فوق رؤوس الجميع. كما أنها ستبعث برسالة إلى الآخرين في جميع أنحاء العالم مفادها أن هذه المبادئ قابلة لأن تتوسع بدرجة أكبر، وهذا أيضًا، ستكون له نتائج كارثية.

لهذا السبب ركزت الولايات المتحدة وحلفاؤنا وشركاؤنا في أوروبا على ما يحدث في أوكرانيا. إنه أكبر من صراع بين بلدين. إنه أكبر من روسيا وحلف شمال الأطلسي. إنها أزمة ذات عواقب عالمية، وتتطلب اهتمام وعمل العالم.

وهنا اليوم، وفي خضم هذا الوضع الذي يتكشف بسرعة، سأسعى للوصول إلى حقائق الموضوع.

بادئ ذي بدء، تدّعي روسيا أن هذه الأزمة تتعلق بدفاعها الوطني، ومناورات عسكرية، وأنظمة أسلحة، واتفاقات أمنية. الآن، إذا كان هذا صحيحًا، فيمكننا حل الأمور سلميا ودبلوماسيا. هناك خطوات يمكننا اتخاذها – الولايات المتحدة وروسيا ودول أوروبا – لزيادة الشفافية والحد من المخاطر والنهوض بتحديد الأسلحة وبناء الثقة. لقد فعلنا ذلك بنجاح في الماضي ويمكننا فعل ذلك مرة أخرى.

وفي الواقع، هذا ما شرعنا في القيام به الأسبوع الماضي في المناقشات التي طرحناها في حوار الاستقرار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وروسيا، وفي المجلس المشترك بين منظمة حلف شمال الأطلسي وروسيا، وفي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وفي تلك الاجتماعات وغيرها الكثير، تواصلت الولايات المتحدة وحلفاؤنا وشركاؤنا الأوروبيون مرارًا وتكرارًا مع روسيا بعروض الدبلوماسية بروح من المعاملة بالمثل.

حتى الآن، تم رفض استعدادنا للانخراط بحسن نية، لأن هذه الأزمة في الحقيقة لا تتعلق في المقام الأول بالأسلحة أو القواعد العسكرية. بل إن الأمر يتعلق بسيادة أوكرانيا وجميع الدول وتقرير مصيرها. وفي جوهرها، يتعلق الأمر برفض روسيا لأوروبا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة كاملة وحرة وفي سلام.

على الرغم من كل مخاوفنا العميقة بشأن عدوان روسيا واستفزازاتها وتدخلها السياسي – بما في ذلك ضد الولايات المتحدة – أوضحت إدارة بايدن استعدادنا لمتابعة علاقة أكثر استقرارا ويمكن التنبؤ بها؛ والتفاوض على اتفاقات تحديد الأسلحة، مثل تجديد معاهدة ستارت الجديدة، وإطلاق حوارنا بشأن الاستقرار الاستراتيجي؛ ومواصلة العمل المشترك لمعالجة أزمة المناخ والعمل في قضية مشتركة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني. ونقدر كيف شاركت روسيا معنا في هذه الجهود.

وعلى الرغم من تهديدات موسكو المتهورة ضد أوكرانيا والتعبئة العسكرية الخطيرة – على الرغم من تعتيمها وتضليلها – فقد قدمت الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائنا وشركائنا، طريقا دبلوماسيا للخروج من هذه الأزمة المفتعلة. ولهذا السبب عدت إلى أوروبا – أوكرانيا أمس، وألمانيا هنا اليوم، وسويسرا غدا، حيث سألتقي بوزير الخارجية الروسي لافروف وأبحث معه مرة أخرى في إيجاد حلول دبلوماسية.

تفضل الولايات المتحدة إلى حد كبير أن يكون الأمر كذلك، وبالتأكيد تفضل الدبلوماسية على البدائل. نحن نعلم أن شركاءنا في أوروبا لديهم الشعور نفسه. وكذلك الناس والأسر في جميع أنحاء القارة، لأنهم يعرفون أنهم سيتحملون العبء الأكبر إذا رفضت روسيا الدبلوماسية. ونتطلع إلى بلدان خارج أوروبا، وإلى المجتمع الدولي ككل لتوضيح التكاليف التي تتحملها روسيا إذا سعت إلى الصراع، والدفاع عن جميع المبادئ التي تحمينا جميعا.

لذا دعونا ننظر بوضوح إلى ما هو على المحك الآن، ومن الذي سيتأثر بالفعل، ومن المسؤول. في العام 1991، ذهب ملايين الأوكرانيين إلى صناديق الاقتراع ليقولوا إن أوكرانيا لن يحكمها مستبدون بعد الآن، لكنها ستحكم نفسها بنفسها. وفي العام 2014، وقف الشعب الأوكراني للدفاع عن خياره لمستقبل ديمقراطي وأوروبي. لكنهم، ومنذ ذلك الحين، يعيشون في ظل الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم والعدوان في دونباس.

لقد قتلت الحرب في شرق أوكرانيا، والتي دبرتها روسيا مع الوكلاء الذين تقودهم وتدربهم وتؤمنهم وتمولهم، أكثر من 14 ألف أوكراني. وأصيب آلاف آخرون. لقد تم تدمير مدن بأكملها. وفرّ ما يقرب من مليون ونصف المليون أوكراني من ديارهم هربًا من العنف. بالنسبة للأوكرانيين في شبه جزيرة القرم ودونباس، فإن القمع قاس وشديد للغاية. إذ تمنع روسيا الأوكرانيين من عبور خط التماس، ما يعزلهم عن بقية البلاد. كما تحتجز روسيا ووكلاؤها مئات الأوكرانيين سجناء سياسيين. ومئات العائلات لا تعرف ما إذا كان أحباؤها أحياءً أم أمواتًا.

والاحتياجات الإنسانية آخذة في الازدياد. إذ إن ما يقرب من 3 ملايين أوكراني، بمن فيهم مليون مسن ونصف مليون طفل، بحاجة ماسة إلى الغذاء والمأوى وغيرها من المساعدات المنقذة للأرواح. لكن بالطبع، حتى الأوكرانيون الذين يعيشون بعيدًا عن القتال يتأثرون به. هذا بلدهم. وهؤلاء هم إخوانهم المواطنون. ولا يوجد مكان في أوكرانيا لا ينجو فيه الناس من الأنشطة الخبيثة لروسيا. لقد سعت موسكو إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية في أوكرانيا، وتدخلت في السياسة والانتخابات في أوكرانيا، ومنعت الطاقة والتجارة لتخويف قادة أوكرانيا والضغط على مواطنيها، واستخدمت الدعاية والمعلومات المضللة لبث انعدام الثقة، وشنت هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية للبلاد. لقد كانت الحملة الرامية إلى زعزعة استقرار أوكرانيا لا هوادة فيها.

والآن تستعد روسيا للذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك. إن الخسائر البشرية الناجمة عن تجدد العدوان من قِبل روسيا ستكون أعلى بكثير مما رأيناه حتى الآن. إن روسيا تبرر أفعالها بالادعاء بأن أوكرانيا تشكل بطريقة أو بأخرى تهديدًا لأمنها. هذا يقلب الواقع رأسًا على عقب. فمن الذي تحيط قواته بمن؟ ما هي الدولة التي طالبت بأراضي الدولة الأخرى بالقوة؟ أي منهما يفوق حجم جيشه جيش الدولة الأخرى بعدة أضعاف؟ ما هي الدولة التي تمتلك أسلحة نووية؟ أوكرانيا ليست المعتدي هنا؛ أوكرانيا تحاول فقط البقاء على قيد الحياة. لا ينبغي أن يتفاجأ أحد إذا أثارت روسيا الاستفزاز أو حرضت على حادث – ثم حاولت استخدامه لتبرير التدخل العسكري، على أمل أنه بحلول الوقت الذي يدرك فيه العالم الحيلة، سيكون الأوان قد فات.

كان هناك الكثير من التكهنات حول النوايا الحقيقية للرئيس بوتين، لكن في الواقع لا يتعين علينا التخمين. لقد أخبرنا مرارا. إنه يضع الأساس لعملية غزو لأنه لا يعتقد أن أوكرانيا دولة ذات سيادة. قال ذلك بشكل واضح للرئيس بوش في العام 2008، وأنا هنا أقتبس من حديثه، “أوكرانيا ليست دولة حقيقية.” وقال في العام 2020، وأنا هنا أقتبس من حديثه، “إن الأوكرانيين والروس هم شعب واحد، الشعب نفسه.” وقبل أيام قليلة فقط، نشرت وزارة الخارجية الروسية تغريدة على موقع تويتر احتفالا بالذكرى السنوية لتوحيد أوكرانيا وروسيا في العام 1654. هذه رسالة واضحة تمامًا ولا لبس فيها في هذا الأسبوع من بين كل الأسابيع.

وهكذا تتراءى المخاطر التي تواجهها أوكرانيا بشكل كامل. الأمر لا يتعلق فقط بغزو وحرب محتملين. إنه يتعلق بما إذا كان لأوكرانيا الحق في الوجود كدولة ذات سيادة. ويتعلق بما إذا كان لأوكرانيا الحق في أن تكون ديمقراطية.

وهذا لم يتوقف عند أوكرانيا. فجميع الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية السابقة أصبحت دولا ذات سيادة في العامين 1990 و1991. وإحدى هذه الجمهوريات هي جورجيا. قامت روسيا بغزوها في العام 2008. وبعد ثلاثة عشر عامًا، ما زال هناك ما يقرب من 300 ألف جورجي نازحين من ديارهم. وجمهورية أخرى هي مولدوفا. فروسيا تحتفظ بقوات وعتاد حربي هناك ضد إرادة شعبها. إذا قامت روسيا بغزو واحتلال أوكرانيا، فماذا بعد؟ من المؤكد أن جهود روسيا لتحويل جيرانها إلى دول صنيعة لها، والسيطرة على أنشطتها، وقمع أي شرارة للتعبير الديمقراطي، سوف تتكثف وتزداد. وبمجرد التخلص من مبادئ السيادة وتقرير المصير، فإنك تعود إلى عالم تتآكل فيه القواعد التي شكلناها معًا على مدى عقود، ثم تختفي تمامًا.

وهذا شجع بعض الحكومات على فعل كل ما يلزم مهما كان للحصول على كل ما تريد أيًا كان، حتى لو كان ذلك يعني إغلاق الإنترنت لدولة أخرى، أو قطع غاز التدفئة في ذروة الشتاء، أو إرسال الدبابات – وكلها أساليب استخدمتها روسيا ضد دول أخرى في السنوات الأخيرة. ولهذا السبب يجب على الحكومات والمواطنين في كل مكان الاهتمام بما يحدث في أوكرانيا. قد يبدو الأمر وكأنه نزاع إقليمي بعيد أو مثال آخر على التنمر الروسي، لكن، مرة أخرى، المبادئ التي جعلت العالم أكثر أمانًا واستقرارًا لعقود تتعرض للخطر.

والآن، بدلا من ذلك، تقول روسيا إن المشكلة تكمن في حلف شمال الأطلسي. بكل وضوح، هذا تبرير سخيف. حلف شمال الأطلسي لم يقم بغزو جورجيا. ولم يقم بغزو أوكرانيا. إنما روسيا هي التي فعلت ذلك. حلف شمال الأطلسي تحالف دفاعي ليس لديه نوايا عدوانية تجاه روسيا. وإنما على العكس من ذلك، لقد استمرت جهود الحلف لإشراك روسيا على مدى سنوات، ولكن للأسف تم رفضها. وعلى سبيل المثال، في القانون التأسيسي للعلاقات والتعاون والأمن المتبادلين بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، والذي كان يهدف إلى بناء الثقة وزيادة المشاورات والتعاون، تعهد الحلف بتقليل قوته العسكرية بشكل كبير في أوروبا الشرقية. وقد فعل ذلك بالضبط.

وتعهدت روسيا بممارسة ضبط نفس مماثل في نشر قواتها التقليدية في أوروبا. ومرة أخرى، بدلا من ذلك، قامت بغزو بلدين. وتقول روسيا إن حلف شمال الأطلسي يطوق روسيا. ولكن في الواقع، فإن 6٪ فقط من حدود روسيا تلامس دول الحلف. قارنوا ذلك بأوكرانيا التي أصبحت الآن محاصرة حقا من قبل القوات الروسية. وفي دول البلطيق وبولندا، هناك حوالى 5 آلاف جندي من الحلف ليسوا من تلك البلدان، وتواجدهم دوري وليس دائمًا. أما روسيا، فقد وضعت ما لا يقل عن 20 ضعفًا على حدود أوكرانيا.

لقد قال الرئيس بوتين إن حلف شمال الأطلسي، وأنا هنا أقتبس من كلامه، “يضع الصواريخ في شرفة منزلنا.” لكن روسيا هي التي طورت صواريخ أرضية متوسطة المدى يمكن أن تصل إلى ألمانيا وتقريبًا جميع الأراضي الأوروبية لدول حلف شمال الأطلسي على الرغم من أن روسيا طرف في معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة المدى التي تحظر هذه الصواريخ. وفي الواقع، لقد أدى انتهاك روسيا إلى إنهاء تلك المعاهدة، الأمر الذي جعلنا جميعًا أقل أمانًا.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على الرغم من أن روسيا ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي، إلا أنها، مثل العديد من الدول غير الأعضاء في الحلف، قد استفادت بالفعل من السلام والاستقرار والازدهار الذي ساعد الحلف في تحقيقه. والكثير منا يتذكر بوضوح التوترات والمخاوف التي كانت سائدة في حقبة الحرب الباردة. لقد كانت الخطوات التي اتخذها الاتحاد السوفيتي والغرب تجاه بعضهما البعض خلال تلك السنوات لبناء التفاهم ووضع قواعد متفق عليها لكيفية تصرف بلداننا موضع ترحيب من الناس في كل مكان لأنها قللت من حدة التوتر وجعلت الصراع العسكري أقل احتمالا. لقد كانت تلك المنجزات نتيجة لقدر كبير من العمل الجاد والشاق قام به أناس من جميع الأطراف. الآن نحن نرى أن هذا العمل الجاد والشاق يتراجع ويتقلص.

على سبيل المثال، في العام 1975، وقّعت جميع دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بما في ذلك روسيا، قانون هلسنكي النهائي، الذي وضع 10 مبادئ توجيهية للسلوك الدولي، بما في ذلك احترام السيادة الوطنية، والامتناع عن التهديد أو استخدام القوة، وعدم انتهاك الحدود، وسلامة أراضي الدول، والتسوية السلمية للنزاعات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

ومنذ ذلك الحين، وروسيا تنتهك كل مبدأ من تلك المبادئ في أوكرانيا – وأوضحت مرارًا وتكرارًا ازدراءها لها.

في العام 1990، وافقت دول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بما في ذلك روسيا، على وثيقة فيينا، وهي مجموعة من تدابير بناء الثقة والأمن لزيادة الشفافية والقدرة على التنبؤ بشأن الأنشطة العسكرية، بما فيها المناورات والتدريبات العسكرية. الآن روسيا تتبع هذه الأحكام بشكل انتقائي. على سبيل المثال، هي تجري تدريبات عسكرية على نطاق واسع تدّعي أنها مستثناة من متطلبات الإشعار والمتابعة لأن إجراءها يتم بدون إشعار مسبق للقوات المشاركة فيها. وفي الخريف الماضي أجرت روسيا تدريبات عسكرية في بيلاروسيا ضمت 100 ألف جندي، ومن المستحيل أن يكون قد تم إجراء تلك التدريبات بدون إشعار مسبق.

كما أن موسكو فشلت في تقديم معلومات عن قواتها العسكرية في جورجيا، وفشلت في إبلاغ منظمة الأمن والتعاون الأوروبي بشأن حشود قواتها الضخمة في أوكرانيا خلال الربيع الماضي، وفشلت في الرد على التساؤلات الخاصة بما كانت تفعله هناك- وكل ذلك كان مطلوبًا بمقتضى اتفاق العام 1990.

وفي العام 1994، في الاتفاق المعروف باسم مذكرة بودابست للضمانات الأمنية، تعهدت كل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا بـ “احترام استقلال وسيادة والحدود المعلنة لأوكرانيا” وأن “تبتعد عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بالفعل” تجاه تلك الدولة. وساهمت تلك الوعود في إقناع أوكرانيا بالتنازل عن ترسانتها النووية، التي ورثتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكانت آنذاك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم.

إننا نريد فقط أن نسأل من يعيشون في القرم ودونباس عما حدث لتلك التعهدات.

وهناك أمثلة عديدة أخرى يمكنني أن أستشهد بها. وكلها تؤكد النتيجة نفسها: هناك دولة تراجعت بشكل متكرر عن تعهداتها وتجاهلت القواعد التي وافقت عليها بحذافيرها رغم ما يبذله الآخرون من جهد من أجل إعادتها في كل خطوة. هذه الدولة هي روسيا. وبالطبع فإن روسيا لها الحق في حماية نفسها. والولايات المتحدة والدول الأوروبية مستعدة لمناقشة المخاوف الأمنية لروسيا وكيفية مواجهتها بطريقة متبادلة. إن روسيا لديها مخاوف بخصوص الأمن والأفعال التي تقول إن الولايات المتحدة وأوروبا وحلف ناتو يتخذونها وأنها تهدد أمنها بشكل من الأشكال. إن لدينا مخاوف جمة بخصوص الإجراءات التي تتخذها روسيا وهي تهدد أمننا. وبإمكاننا أن نتحدث عن كل ذلك، ولكننا لن نتعامل مع مبادئ السيادة أو وحدة الأراضي، التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وأكد عليها مجلس الأمن الدول، باعتبارها موضوعات قابلة للتفاوض.

وإن كان بإمكاني التحدث إلى الشعب الروسي، فأقول لهم: إنكم تستحقون العيش في ظل الأمن والكرامة مثل الشعوب في كل مكان، ولا أحد- لا أوكرانيا، ولا الولايات المتحدة، ولا حلف ناتو ولا أي دولة من الدول الأعضاء في الحلف – يسعى من أجل تعريض ذلك للخطر. لكن ما يهدد أمنكم بالفعل هو حرب لا هدف لها مع جيرانكم في أوكرانيا، بكل ما يمكن تكبده من خسائر- وبصفة خاصة، بالنسبة للشباب الذين سيتعرضون حتى لخطر فقدان حياتهم من أجل ذلك.

وفي وقت ينتشر فيه كوفيد-19 في جميع أرجاء العالم، ولدينا أزمة المناخ، ونحتاج إلى إعادة بناء الاقتصاد العالمي، كل ذلك يتطلب الكثير من انتباهكم ومواردكم، فهل هذا ما تريدونه- صراع عنيف من المرجح أنه سيستمر؟ فهل يجعل ذلك حياتكم أكثر أمنًا، وأكثر رخاء، وحافلًا بمزيد من الفرص المتاحة؟ ولنفكر فيما يمكن أن تحققه دولة عظيمة مثل روسيا إن هي كرست مواردها، وخاصة المواهب الفذة لمواردها البشرية، التي تتمثل في شعبها لمواجهة أكبر التحديات الضخمة في زماننا. إننا في الولايات المتحدة، وشركاؤنا في أوروبا سنرحب بذلك.

إنني سألتقي غدًا بوزير الخارجية لافروف وسوف أحث روسيا على أن تتلمس طريقها للعودة إلى الاتفاقات التي أقسمت على الالتزام بها عبر العقود الماضية، وأن تعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في أوروبا من أجل صياغة مستقبل لا يقتصر فقط على ضمان أمننا المتبادل، وإنما أيضًا لكي توضح أن احتمال اعتداء روسيا على أوكرانيا قد خبا، وأن ذلك سيحدث أيضًا بالنسبة لأكثر ما تشتكي منه موسكو وهو تعزيز حلف ناتو الدفاعي.

هذه موضوعات صعبة نواجهها، وحلها لن يتم بسرعة. وبالتأكيد فإنني لا أتوقع حلها غدًا في جنيف. لكن يمكننا تحسين مستوى التفاهم المتبادل بيننا- وذلك، وبالتضافر مع وقف تصعيد الحشد العسكري لروسيا على حدود أوكرانيا، يمكنه أن يبعدنا عن هذه الأزمة خلال الأسابيع القادمة.

وفي الوقت نفسه، ستواصل الولايات المتحدة العمل مع حلفائها وشركائها في حلف ناتو، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الأوروبي والتنمية، ومجموعة الـ 7، والأمم المتحدة، وعبر المجتمع الدولي بأسره لكي توضح أن هناك مساران أمام روسيا: المسار الدبلوماسي الذي يمكن أن يؤدي إلى السلام والأمن؛ ومسار العدوان الذي سيؤدي فقط إلى النزاع، والعواقب الوخيمة، والإدانة الدولية. إن الولايات المتحدة وحلفاءنا سيواصلون الوقوف إلى جانب أوكرانيا، كما سيواصلون الوقوف مستعدين للقاء روسيا على أي من المسارين.

وإنه ليس من قبيل الصدفة أنني أقدم هذه الأفكار هنا في برلين. وربما لا يكون هناك مكان آخر في العالم قد خاض تجربة التقسيم في فترة الحرب الباردة أكثر مما خاضته هذه المدينة. هنا، أعلن الرئيس كنيدي أن كل المواطنين أحرار في برلين. وهنا حث الرئيس ريغان السيد غورباتشوف على هدم ذلك الجدار. يبدو في بعض الأوقات أن الرئيس بوتين يريد العودة إلى تلك الفترة. آمل ألا يكون ذلك صحيحًا، لكن إذا اختار ذلك، فإنه سيُقابل بالتصميم نفسه، والاتحاد نفسه الذي سخره الجيل السابق والمواطنون، من أجل دعم السلام، وتعزيز الكرامة الإنسانية في جميع أرجاء أوروبا، وجميع أنحاء العالم.

أشكركم جميعًا على حسن الاستماع (تصفيق)


للاطلاع على النص الأصلي:  https://www.state.gov/the-stakes-of-russian-aggression-for-ukraine-and-beyond/

هذه الترجمة هي خدمة مجانية، مع الأخذ بالاعتبار أن النص الانجليزي الأصلي هو النص الرسمي.

U.S. Department of State

The Lessons of 1989: Freedom and Our Future